تُعد الميكروبات كائنات مجهرية، لا تُرى بالعين المجردة، ويُطلق عليها أيضا "الأحياء الدقيقة"، وهناك علم بأكلمه اسمه "علم الأحياء الدقيقة" (Microbiology).
وبينما الميكروبات كائنات سيئة السمعة، يرتبط اسمها بالأمراض الخطيرة، بل ربما بالجائحات العالمية، إلا أنّ هناك أنواعا كثيرة منها صحية لحياة البشر والكائنات الحية الأخرى، بل إنّ وجودها محوري في بقاء الحياة على سطح الأرض. ويكتشف العلماء يومًا بعد اليوم المزيد عن هذا العالم الخفي، والذي يُثبت في كل اكتشاف جديد كم هو مدهش وقدراته واسعة.
ويبدو أنها أيضًا تلعب دورًا خفيًا في امتصاص الغازات السامة من الغلاف الجوي، ما يحمينا ويساهم في حفظ التوازن البيئي. وهذا ما كشفته مجموعة بحثية من أستراليا؛ إذ وجدوا أنها قادرة على امتصاص كميات هائلة من غاز أول أكسيد الكربون (CO)، ما يسهم في تقليل مستوياته في الغلاف الجوي، ما يقلل من مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون، أحد غازات الدفيئة المشهورة أيضًا. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "نيتشر كيميكال بيولوجي" (Nature Chemical Biology) في 29 يناير/كانون الثاني 2025.
غاز قاتل!
يُعد أول أكسيد الكربون أحد أخطر الغازات القاتلة؛ فهو غاز لا لون ولا رائحة ولا طعم له، قد تتسبب نسبته العالية في الهواء إلى التسمم والموت. على الرغم من تلك المخاطر، فإنه يُطلق في الغلاف الجوي سنويًا ما يزيد على 2 مليار طن من ذلك الغاز. لكن، اتضح أنّ الميكروبات تستهلك منه نحو 250 مليون طن سنويًا.
مساعدة غير مقصودة
تستخدم أعداد هائلة من البكتيريا والعتائق الموجودة في التربة والمياه إنزيما يُسمى (CO dehydrogenase)، لتحويل غاز أول أكسيد الكربون إلى ثاني أكسيد الكربون، ومن ثمّ تستهلك ثاني أكسيد الكربون، وهي بذلك تقدم إلينا مساعدة عن غير قصد بإزالة غاز سام من الغلاف الجوي.
كانت علامات الاستفهام دائمًا حول كيفية عمل ذلك الإنزيم في عملية الأكسدة، وفي الدراسة استكشف الباحثون ذلك لأول مرة باستخدام "مجهر إلكتروني فائق البرودة" (Cryo-electron microscopy). وأعطوا توضيحات كيميائية لما يحدث خلال هذا التفاعل عند نقل الإلكترونات المشتقة من أول أكسيد الكربون إلى سلسلة التنفس الهوائية.
يبدو أنّ هناك الكثير من الأدوار المحورية في الحياة على سطح الأرض التي تقودها الميكروبات، مع ذلك؛ فهي الجندي الخفي الذي يستكشفه العلماء يومًا بعد يوم.